تعريف الدولة الحديثة انها مجموعة من المؤسسات القانونية والادارية والعسكرية لتنظيم حياة الشعب في كافه المجالات داخل حدود معينة.
أما اتفاقية مونتيفيديو بشأن حقوق وواجبات الدول فقد عرفت الدولة بأنها: مساحة من الأرض تمتلك سكان دائمون، إقليم محدد وحكومة قادرة على المحافظة والسيطرة الفعَّالة على أراضيها، وإجراء العلاقات الدولية مع الدول الأخرى. حيث يجب ان تملك الدولة قوة الإرغام لضمان الالتزام بقوانينها، ومعاقبة المخالفين.
وفى مفهوم الدولة الحديثة التي تم الاستقرار عليه استنادا الى التجارب التاريخية، هناك قضايا جدلية كثيرة يمكن ان يؤخذ فيها ويرد على طول السنين ولا نصل فيها الى حلول حاسمة ترضى المختلفين عليها، وفى المقابل يوجد قضايا تحولت الى مفاهيم ثابتة لدرجة ان الجدل فيها او حتى الحديث عنها يصبح مجرد سفسطة.. من تلك القضايا ان الدولة لها جيش واحد فقط والسلاح هو حكر عليه ومحظور على من سواه.
الكاتب البريطاني الشهير ويليام شكسبير، يقول اذا شاهدت بندقية معلقة على الحائط في الفصل الأول من المسرحية فتأكد انه سيتم استخدمها لقتل احد في الفصل الثالث من المسرحية.
عندما بدأت العصابات الصهيونية في بسط سيطرتها على ألاراضى الفلسطينية في الاربعينيات من القرن الماضي ، ذهب حسن البنا زعيم جماعة الاخوان الارهبية الى النقراشي باشا وكان وقتها رئيس وزراء مصر وعرض علية ان يسمح له بتسليح شباب الاخوان لمساندة الجيش المصرى للتصدى للصهاينة، لكن النقراشي وبعين السياسي النافذ رد عليه قائلا: لو انتصر الجيش على الصهاينة ستقولون انكم السبب ، وبعدها سيكون لكم الحق في حمل السلاح لحماية جماعتكم حتى لو كان هذا ضد الدولة وقوانينها وقتها لن يكون هناك دولة!.. انتهي كلام لنقراشي، وللأسف هذا ما شاهدنا جزء منه خلال السنوات الماضية. لذلك فان الدروس التاريخية هي التي حسمت تلك القضايا وغيرها مثل عدم السماح بالانتماءات الحزبية او الدينية لمنتسبي المؤسسة العسكرية وبالتبعية عدم مشاركتهم في الانتخابات.والمشاهد الى رأيناها مؤخرا في إسرائيل تؤكد مصداقية تلك الثوابت عندما رفض بعض العسكريين تنفيذ أوامر رئيس الوزراء نتنياهو انطلاقًا من انتمائهم السياسي والديني.
لو تابعنا الازمات الحادة التي تعصف بكثير من الدول العربية خاصة في فترة السنوات العشر الأخيرة سنجد ان سببها الرئيسي اما بسبب ضعف قواتها المسلحة او بالسماح لاكثر من طرف بحمل السلاح بالتوازى مع الجيش ، وبدون ذكر أسماء دول بعينها ستجد بسهولة ما نتحدث عنه مجسدا غربا وجنوبا وشرقا.
في الدولة ..اى دولة يمكن ان يختلف الجميع في أولويات السياسة الداخلية والخارجية، ويمكن ان نتصارع على مفهوم الديمقراطية وحدود الحريات العامة والخاصة وعلى الضروريات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وصولا حتى الى الانتقال بالدولة من نظام الى آخر، كل شيء يصبح مباحا وقابلا للنقاش باستثناء واحد فقط هو ان يبقي السلاح حصريا في يد الجيش الموحد للدولة.. هذا اذا اتفق الجميع على بقاء الدولة.